• 18 أبريل، 2024

جل المجالس المنتخبة تتخبط في صراعات سياسيوية من أجل المصالح الشخصية على حساب التنمية. 

 جل المجالس المنتخبة تتخبط في صراعات سياسيوية من أجل المصالح الشخصية على حساب التنمية. 

 

– غياب النقاش البناء و الهادئ.

— فوضى عارمة تطبع الجلسات.

— التلاسن و إطلاق الكلام على عواهنه.

 

المشرع خول بسخاء صلاحيات واختصاصات واسعة للمؤسسات المنتخبة محليا و إقليميا و جهويا بهدف دعم التنمية على مستوى النفوذ الترابي للمؤسسات  المذكورة. و هذه الاختصاصات الواسعة تتوزع بين ذاتية ومشتركة ومنقولة.

مع الأسف الشديد حصل العكس بحيث عم الفساد الإداري والمالي وتم تغييب الحكامة الجيدة و الشفافية و المحاسبة.

 

توسيع صلاحيات المجالس المنتخبة محليا في إطار اللامركزية :

أمام سخاء المشرع مع المجالس المنتخبة محليا تقلص مجال تدخل  سلطة الوصاية و الرقابة مما أدى حتما إلى الوضع الحالي على مستوى عدد كبير من الجماعات الترابية .

ما يمكن استخلاصه هو أن مآل تدبير الشأن المحلي أضحى مأساويا رغم أن المشرع خول لمجلس الجماعة الترابية و لرئيسها صلاحيات واسعة من بينها الاختصاصات الذاتية الهادفة إلى ضمان تنمية اقتصادية و اجتماعية، تدبير المالية والجبايات والأملاك الجماعية التعمير وإعداد التراب، الوقاية الصحية والنظافة والبيئة، التجهيزات والأعمال الاجتماعية والثقافية، التعاون والشراكة. و هناك اختصاصات أخرى منها القابلة للنقل والاستشارية. بالموازاة خول المشرع لرئيس المجلس اختصاصات واسعة تجعل منه السلطة التنفيذية للجماعة، يمارس الشرطة الإدارية و ينفذ الميزانية، صلاحية واسعة و كثيرة و بطبيعة الحال مهمة.

تغييب شرط مستوى دراسي للترشيح لرئاسة المجلس : 

المتتبع للشأن المحلي و خصوصا الجانبين القانوني و التنظيمي يتذكر جيدا إشكالية المستوى الدراسي لكل مرشح لرئاسة المجلس. في هذا السياق اشترط المشرع في المادة 28 من الميثاق الجماعي ل30شتنبر 1976 التوفر على مستوى تعليمي يعادل على الأقل مستوى نهاية الدروس الابتدائية. نتذكر كيف أقدم بعض المرشحين لرئاسة مجالس جماعية على تزوير شواهد مدرسية و افتضح أمرهم و تمت متابعتهم قضائيا. 

كيف أن يمارس مسؤول منتخب بمستوى آخر الطور الابتدائي مهام بالصرف و ضابط الحالة المدنية و صلاحيات مدخل في إطار التعمير و تدبير شؤون الموارد البشرية الخ.؟؟ 

بعد هذه المرحلة تم تغييب شرط أي مستوى دراسي.

نسبة الأمية على مستوى الجماعات الترابية:

خلصت دراسة قامت بها مصالح وزارة الداخلية بخصوص المستوى الدراسي للمنتخبين إلى ما يلي :

الهيئة المنتخبة محليا تتكون من 31503 مستشار من بينهم 5000 أُمِّي و 9000 من دوي مستوى ابتدائي أولي و 1500 بدون شغل أي ما يقارب 50% من مجموع المنتخبين المحليين…!!! .

 

فضاء مقرات بعض الجماعات الترابية المحلية:

–المجال القروي:

ما يثير انتباه العام و الخاص عندما يلج فضاء جماعة قروية هو بناية مقر الجماعة و المرافق التابعة لها المميزة غالبا عن باقي البنايات إن هي وجدت زيادة على سيارة فاخرة أحيانا رباعية الدفع لونها أسود، لا داعي للتعليق و المناقشة رغم أن الأذواق تختلف من شخص لآخر و حال هؤلاء يشكل استثناء . و عندما يحط الرحال بمكتب الرئيس الأمور تتحسن أكثر: مكتب بتجهيزات فاخرة و حديثة، مكيف الهواء الخ… التحسن ينحصر في هذا الفضاء، عكس ما تتم معاينته في الفضاء المخصص للسوق الأسبوعي و على رأسه المجزرة . الأوساخ و الجراثيم ، اللحوم تباع في ظروف تفتقد لأبسط الشروط الصحية و على رأسها النظافة . نفس الوضع تتم معاينته على مستوى نقط بيع المواد الغذائية و وجبات الأكل. الطرق في وضعية مزرية ، النقص في الإنارة و أحيانا غيابها ، احتلال الفضاء العمومي و أخيرا يتوج هذا الكم الهائل من الاختلالات بتفشي البناء العشوائي.

 

-المجال الحضري:

 بدوره المجال الحضري يعاني من كارثة سوء التدبير و غياب الحكامة الجيدة و هنا تجدر الإشارة إلى مدينة أسفي حيث تتم معاينة حالات يرثى لها بدءا بوضعية الطرق و الأزقة ، الحفر تعد بالمئات و الأرصفة متآكلة كأن المدينة قصفت أو تعرضت لسلسلة من الهزاة الأرضية. تراكم الأزبال على مستوى كل الأحياء. ضعف الإنارة العمومية و أحيانا غيابها. اغتصاب المناطق الخضراء،  فرغم قلتها فهي تعاني من الإهمال و غياب الصيانة. في هذا الصدد تجدر الإشارة إلى حديقة الحسن الثاني حيث الإهمال واضح و الإنارة ضعيفة جدا و لا تغطي الحديقة بأكملها. الحديقة قرب مقر الجماعة الترابية طالها الإهمال.  

الوضع أضحى كارثيا خاصة مع  غياب المحاسبة و المسائلة!! و غياب كذلك الانخراط في العمل التنموي طيلة عقود. و غياب الحكامة الجيدة.

  إذن أين يكمن الخلل ؟

الخلل تم تشخيصه بعد إخضاع عدة جماعات ترابية لعمليات التفتيش و الافتحاص من طرف المفتشية العامة لوزارة الداخلية و المجالس الجهوية للحسابات. 

في هذا السياق كشفت عمليات التفتيش التي قامت بها وزارة الداخلية عن كم هائل من الاختلالات مما أدى في بعض الحالات إلى إعداد لوائح تضم رؤساء جماعات و منتخبين بهدف تفعيل مسطرة العزل في حقهم. 

في نفس السياق كشفت تقارير للمجلس الأعلى للحسابات عن جوانب الفساد الإداري والمالي الذي نخر جسم الجماعات الترابية بالمغرب و ساهم في ضياع الملايير من الدراهم في مشاريع كلها اختلالات. و عبر عمليات التفتيش المشار إليها تم الوقوف على حقائق تتعلق بطريقة تدبير الصفقات العمومية التي شابتها عدة خروقات شكلا و مضمونا.

 

الخاتمة :  

 قال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: ” لقد كان الحكم أمانة يتهيبها أصحاب الطاقات الكبيرة فأصبح شهوة يتطلبها أصحاب الغرائز العامة وكان تسخيرا للدنيا في خدمة الدين فأصبح تسخيرا للدين والدنيا جميعا في خدمة أشخاص تافهين وأسر كذوبة  “.

قال تعالى: ((إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)) صدق الله العظيم. 

قال تعالى في كتابه المبين : ** حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً (94)  صدق الله العظيم ** (سورة الكهف)

 

محمد المختاري — اسفي.

 

سعيد الجدياني

https://www.assif.info

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *