من اسفي الى العالم: العمارة المغربية والبرتغالية تبحثان عن شراكة جديدة في زمن الاستدامة

 من اسفي الى العالم: العمارة المغربية والبرتغالية تبحثان عن شراكة جديدة في زمن الاستدامة

اسفي: عبد الرحيم النبوي

في زمن تتسارع التحديات البيئية وتتعمق الحاجة الى حلول معمارية اصيلة ومستدامة، احتضنت قاعة الندوات بالكلية متعددة التخصصات بآسفي يومه الجمعة 11 ابريل ، مؤتمرا علميا استثنائيا تحت عنوان “عمارة البرتغال والمغرب: ذكريات – حوار بين الثقافات – مواد محلية”.

هذا اللقاء المنظم بشراكة بين جمعية ذاكرة آسفي وجمعية المعتمد بن عباد، فتح نقاشا نادرا بين مهندسين وأساتذة وباحثين وطلبة حول ماضي معماري مشترك وامكانيات بناء مستقبل عمراني يزاوج بين الاصالة والابتكار.

اسفي المدينة العريقة التي تحمل اثار الزمن البرتغالي في ازقتها واسوارها كانت المكان الأمثل لهذا الحدث الذي استهدف تعزيز الفهم المتبادل بين المغرب والبرتغال من خلال التراث المعماري المشترك.

المهندس المعماري البرتغالي جوسي ألبرطو أليكرياPr José Alberto Alegria، كان ضيف شرف وقدما عرضا شاملا معززا بمجموعة من الصور والوثائق، كشف من خلاله تشابها الخفية بين العمارتين المغربية والبرتغالية رغم اختلاف تعبيراتهما

 

تحدث ألبرطو أليكريا، ان البرتغال تتميز عمارتها بتاريخها البحري، والتأثيرات القوطية المانويلية (تفسير بحري للقوطية المتأخرة)، والعمارة البومبالينية (كلاسيكية جديدة بعد زلزال لشبونة)، وعمارة معاصرة تقدر البساطة، والاندماج مع المناظر الطبيعية، واستخدام المواد الطبيعية مثل الفلين، وانه في مجال ترميم التراث تتمتع البرتغال بخبرة معترف بها في ترميم وصيانة تراثها التاريخي الغني.

 

واكد المهندس المعماري البرتغال، ان العمارة المغربية غنية بتراثها الأمازيغي، والامارات الإسلامية، والتأثيرات الأندلسية (خاصة في الرياضات والحدائق)، والتكيف مع المناخ القاحل باستخدام مواد مثل الطين، واللبن، وتقنيات التهوية الطبيعية، بحيث تعتبر الحرف اليدوية (الزليج، الجبس المنحوت) عنصرًا أساسيًا، ويمكن أن تكون الخبرة المغربية في ترميم المواد التقليدية (الطين، اللبن) قيمة للمشاريع في البرتغال التي تحتوي على مبان مماثلة.

ولم يكن النقاش مجرد مقارنة الماضي بل امتد لطرح أفكار ملموسة لشراكة مستقبلية رابحة للطرفين تقوم على تبادل الخبرات في مجال ترميم التراث والهندسة المستدامة واستخدام الطاقات المتجددة في المشاريع المعمارية.

 

اللافت في هذا المؤتمر كان الحضور المكتف لطلبة الماستر بمختلف تخصصاتهم، المجال الجغرافي ، التنمية المستدامة ، التواصل والصناعات الإبداعية ، قانون الماء ، الى جانب طلبة الاجازة في الجغرافيا ، هؤلاء الشباب الذين يمثلون الجيل الجديد من المهندسين والباحثين ، شاركوا بأسئلتهم ومداخلاتهم ، مما اضفى على اللقاء روحا حيوية ، واكد ان قضايا التراث والهندسة المعمارية تهم مستقبل المغرب بقدر ما ترتبط بماضيه.

وبين مداخلات الأساتذة ونقاشات الطلبة، برزة فكرة جوهرية، تمثلت في ان المغرب يمتلك اليوم حقيقة الانفتاح على التجارب الدولية الناجحة مع الحفاظ على هويته التراثية، تجربة البرتغال في ترميم وصيانة التراث يمكن ان تكون مصدر الهام تماما كما يمكن للمغرب ان يقدم للعالم خبرته العريقة في البناء بالمواد المحلية وتقنيات العيش المستدام.

وفي ختام اللقاء، اكد المتدخلون على ضرورة تعزيز التعاون العلمي والميداني بين الجامعات المغربية والبرتغالية، وتنظيم المزيد من الورشات والدورات التدريبية التي تمكن الجيل الجديد من ابتكار نماذج عمرانية جديدة تحترم التراث وتستجيب لتحديات المناخ .

سعيد الجدياني

https://www.assif.info

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *