شاطئ كرام الضيف بأيير إقليم آسفي هدوء يجمع الاستجمام وعبق التاريخ في حاجة إلى إقلاع تنموي

آسفي: عبد الرحيم النبوي
شاطئ كرام الضيف بالجماعة الترابية أيير إقليم آسفي، منحته الطبيعة سحرا خاصا انطلاقا من موقعه ومكانته وخصوصيته و جمالية فضائه، وبالتالي أصبح يشكل الوجهة المفضلة للعديد من المصطافين خلال فصل الصيف، والذين يحجون إليه من كل مكان للتمتع بجمال هذا الشاطئ الذي يتواجد بالقرب من القصبة التاريخية لأيير التي تبتعد عن مدينة اسفي بحوالي 56 كلم.
وازدادت شهرت شاطئ كرام الضيف خلال السنوات الأخير، بحيث بات هذا الفضاء يستقطب المصطافين من مختلف المناطق، وقد اعتاد الزوار قضاء أوقات ممتعة به، فهو يعد مقصد لعشاق البحر، وممارسي بعض الرياضات البحرية إضافة إلى بعض الهوايات الأخرى التي يجد أصحابها في امتداد الشاطئ متسعا لممارستها، وبالتلى فالشاطئ يمنح للمصطافين فضاء أوسعا وسط طبيعة شبه متوحشة.
فبمجرد وصولك إلى الشاطئ، تظهر لك بالعين المجردة صخور على شكل أثار أصبحت لصيقة بالمكان، يزيد جماله مع انعكاسات الضوء عليه، نتيجة شروق الشمس وغروبها، والانغماس في قصص وأساطير كثيرة حولها، نسجها خيال السكان المحليين لهذه المنطقة التي تحمل في داخلها اسرارا صامتة، لم تكتشف قصصها بعد، لكنها من ظاهرها تحكي عن تاريخ المنطقة الغارقة في البحر العميق الذي تراقب أمواجه قصبة أيير التي تستقر فوق الجرف القاري المشرف على المحيط الأطلسي، لها بابان واحد قبالة المحيط الأطلسي والثاني يقابل البر وعليه برج كبير، أسسها البرتغال خلال القرن 15 الميلادي، وبموجب المرسوم الوزاري الصادر في 24 ربيع الأول 1373 ه الموافق 02 دجنبر 1953 م ثم تصنيفها ضمن المواقع الأثرية، ويوجد بالقرب منها مسجد عتيق يحتوي على عشرين سارية له باب بحري، به كتابة تشير إلى تاريخ افتتاحه منذ أكثر من قرنين، وكانت به مدرسة عتيقة لتعليم القرآن وأصول الحديث، ورغم أن تاريخ تأسيسها غير مضبوط، إلا أن هناك بعض المصادر التي، تشير إلى أنها كانت موجودة خلال القرن الثامن الهجري وتعرف في التواريخ الإفرنجية برأس أيير( كاب آيير)، كما أن المنطقة معروفة بإنتاج الحبوب وصيد السمك، وكانت هناك دار لصيد وبيع السمك إلا أن تاجرا برتغاليا اشتراها من الحاكم البرتغالي آنذاك وبنا بها برجا سماه ( سانت كروى أي الصليب المقدس) وفي سنة 1517م الموافق ل922ه توجه إليها الشريف أبو عبد الله محمد السعدي، فشق البلاد حتى بلغ إليها، فحاصرها من اجل تحريرها من طرف البرتغاليين، ومن حسن حظه أن برميلا من البارود تم تفجيره، فسقطت أسوارها، فسلم البرتغاليون أنفسهم أسارى للشريف، كما ورد في كتاب آسفي وما إليه لصاحبه محمد بن احمد العبدي الكانوني، وتعيش القصبة التي فقدت العديد من أسوارها وبريقها التاريخي نوعا من الإهمال الغير المبرر، خاصة وأن وفدا هولنديا قام بزيارتها مؤخرا، وأبدى رغبته الأكيدة في رد الاعتبار لها صونا لتاريخ مشترك، بين المغرب وهولندا، يؤسس لأكثر من أربعة قرون…
ورغم الإقبال المتزايد على شاطئ كرام الضيف خلال السنتين الماضيتين، فان هذه الحركية لم تواكبها أي مجهودات على صعيد تأهيل الشاطئ من طرف المجلس الإقليمي وخاصة فيما يخص خلق فضاءات ترفيهية بالشاطئ و في محيطه والعمل على تنظيم بعض الأنشطة ترفيهية للمصطافين، مع العلم أن شاطئ كرام الضيف يتميز بنعومة أمواجه وزرقة مائه، وكذا برماله الذهبية المرنة جدا، ومنظر غروب الشمس الرائعة، إلا أنه يحتاج إلى قليل من الدعم و العناية، ليصبح وجهة مفضلة لجميع المصطافين من أنحاء المغرب و لا تقتصر على ساكنة إقليم آسفي والمناطق المجازرة له، ومن اجل ذلك، وإسهاما من الجماعة في رفع المنتوج السياحي، تتجه هذه الأخيرة في إطار المقاربة التشاركية مع العديد من المتدخلين نحو هيكلة وإعادة تأهيل الفضاءات السياحية المتواجدة بالمنطقة .
و بالمناسبة أشار احد المصطافين، إلى بأن اختياره لشاطئ كرام الضيف له عدة اعتبارات : أولها القرب من منتجع الواليدية كمنطقة جدب للمصطافين وما يتواجد به من فضاءات ترفيهية، ثانيا: الموقع الاستراتيجي للشاطئ القريب من المنطقة الصخرية ذات المنظر الخلاب، وإن كانت المنطقة لا تخفي على الزائر بعض مظاهر الإهمال الذي تعرض لها الشاطئ، إلا انه مع كل هاته الاكراهات والعوائق التي تحد من تنمية المنطقة، فان غالبية المصطافين يسكنهم ولع خاص بشاطئ كرام الضيف ، الذي ﻻ يزال ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﺔ، ﻟﺘﺘﻤﺎﺷﻰ ﻭﺗﻄﻠﻌﺎﺕ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻟﻠﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺣﻴﺔ ﻟﺒﻼﺩﻧﺎ .