آسفي .. موكب المعروف يفتتح فعاليات “الفيستيفال البحري” بين مؤيد ومعارض
جددت مدينة آسفي لقاءها بموكب “معروف سيدي بوزكري” كتقليد سنوي كان المهنيون يواضبون على إحيائه كل سنة لجلب البركة والنجاة من الحوادث وكذا لضمان موسم صيد جيد حسب معتقدات البحارة القدامى ، حيث إرتأى جمعية تيغالين للصيد الصناعي بآسفي ومعها باقي المتدخيلين والشركاء والمحتضنين للفيستيفال البحري في دورته الرابعة، إفتتاح هذا الموعد بإلتفاثة للثراث وإحياء الذاكرة بما تحمله من رمزية مهنية وفكرية وتاريخية . وذلك في خطوة تراهن على إستعادة المدينة لهويتها وتراثها اللامادي .
وانطلقت فعاليات معروف سيدي بوزكري بموكب من ضريح الشيخ سيدي ابومحمد صالح ، حيث تم التبرك والدعاء للمهنيين وعموم الساكنة ، ليجوب شوارع المدينة حسب المسار المخطط له والمرخص وصولا لدار البحار ، في ظل هتافات حشد هائل من المشاركين الذين كانوا مرافقين بانغام مجموعات إيقاعية ثراثية ، في مسيرة تتقدمها الذبيحة الرسمية للمعروف.
وقال بوجمل واحد من قدماء مهنيي الصيد الساحلي صنف السردين بحاضرة المحيط ، أن المعروف شكل وعلى مدار عقود مضت تقليدا يتجدد كل سنة ، كموعد للقاء والتصالح مع الذات ، وكذا الإحتفاء بالمصايد والدعاء والتصدق ، بما يجلب البركة ويبعث الخير في المصايد ، غير أن هذا التقليد عرف تذبذبا في السنوات الآخيرة ، خصوصا مع التطورات التي تعرفها التكنولوجيا التي تحاول طمس هوية الكثير من العادات والتقاليد، التي ظلت تشكل علامات فارقة في الحنطة، وهو وضع وجب على الفاعلين التعاطي معه بكثير من اليقظة لصيانة الموروت والحفاظ على إرث الأجداد.
وتواجه الكثير من المصايد تراجعا قويا كانت له إنعكاسات قوية على الوضعية الإجتماعية للبحارة ، التي ترخي على ظلاها اليوم على الإحتفالات ، حيث شهد موكب المعروف حضور محتشما للفاعلين المهنيين وممثلين النقابات القطاعية في الصيد ، في مظهر لا يشبه النسخة الأخيرة من المعروف التي نظمت قبل كوفيد19، التي خطفت الأضواء بمشاركات قوية لجمعيات مهنية، ونقابات بحرية، وضيوف يمثلون مختلف ربوع المملكة، بل أكثر من ذلك يلقى فيستفال البحر هذه السنة معارضة من طرف بعض النقابات البحرية.
وفي هذا السياق قال سعيد النائب الأول للكنفدرالية الديموقراطية للصيد البحري بآسفي أن مهرجان البحر لايعكس الوضعية الحقيقية لقطاع الصيد اليوم وللوضعية الإجتماعية للبحارة ، خصوصا وأن الفيستيفال هو رمز للإحتفال كما تعكس ذلك فقراته المختلفة، التي تعرف غياب ندوات ذات بعد فكري للخوض في قضايا القطاع وتحدياته المختلفة ، لاسيما وأن الفيستيفال يأتي في سياق صعب يحتاج لإجابات صريحة بخصوص ما يكابده البحار من تحديات إجماعية ، وما تتخبط فيه المصايد إنسجاما مع التراجع المتواصل للكتلة الحية ، وإختفاء أنواع بحرية ، وهي كلها ظواهر تسيطر اليوم على عمق النقاش البيمهني، ومعه التغطية على هذه التحديات بالإحتفال تعد حسب المصدر النقابي ألية من أليات الهروب للأمام.
وبين هذا الطرح وذاك يؤكد متدخلون أن الشكل الإحتفالي عادة ما تكون له إمتدادات لتسليط الضوء على التحديات ومعالجة المشاكل ، فالمسرح شكل إحتفالي لكنه في العمق هو ألية لمعالجة هموم المجتمع وفتح أفاق للتفكير ، فكذلك الفيستيفال من شأنه خلق نقاش كما هو قائم حاليا بين المنظمين والمعارضين ما يفتح الباب لإشعاع لعديد من الظواهر والتحديات، وهو وضع صحي ما كان ليكون لو لم يكن هناك حافز ، والحافز اليوم هو تنظيم المهرجان ، شريطة أن يتوفر المنظمون على سعة الصدر وقبول الإنتقاذات في سياق المصلحة العامة ، والإبتعاد عن التعامل مع المعارضين بحرب الجبهات ، لأنه في الأول والآخير الأمر يتعلق بأبناء المدينة الواحدة، وكل له منظوره للأشياء شريطة أن تتسم بالموضوعية .
وتنظم جمعية تيغالين للصيد الصناعي بآسفي الفيستيفال بشراكة مع عمالة إقليم آسفي، والجماعة الترابية لآسفي، غرفة الصيد الأطلسية الشمالية، المكتب الشريف للفوسفاط، وعدد من الداعمين والمحتضنين، حيث اكدت بلاغ للجهات المنظمة أن المهرجان يروم الإحتفال بالبحر، بجماليته وعطاءه من خلال التاريخ الضارب في القِدَم، ومن خلال القطاعات الحيوية الأخرى كالثقافة والفن والإقتصاد والموسيقى والبيئة، من خلال محطات تمتزج فيها ثقافة الساكنة مع المهنيين، مع الجانب الروحي الذي ينهل منه المهنيون العاشقون للموسيقى الروحية التي هي أحد أعمدة الفن بالمدينة.
ويتوجه هذا الموعد السنوي يبز البلاغ، لمحبي البحر وعاشقيه، للمهنيين والمستثمرين، المغاربة منهم والشركاء العالميين، كما هو موجه للعموم والخواص، من أجل التعريف بما يزخر به البحر من خيرات وعطاءات ونِعم كبيرة وكثيرة، حان الوقت لتثمينها والحفاظ عليها، ومعه إظهار العلاقة الوطيدة بين الكثير من الفنون الثقافية والبحر، ومنها عادات وتقاليد ساكنة المدينة من خلال تأثير البحر ورمزية ميناء المدينة، ومعها التعريف بما يزخر به بحر إقليم آسفي من غِناء وتراث وتمازج بين حضارات عديدة توالت عليه وكان التنوع والتميز.
وإخترا المنظمون سمك السردين عنوانا للدورة الرابعة ، وهو نوع من السمك صنعت معه آسفي وستصنع مكانة دولية أوصلتها لتكون وإلى بداية 1970 عاصمة دولية لسمك السردين، آسفي عاصمة لسمك السردين، لذلك تمت برمجة فقرات للتعريف بكل هذا التاريخ المجيد وبالحاضر، والتطلع للعودة للريادة من خلال تظافر جهود كل محبي البحر. فيما تجمع فقرات المهرجان وفق بلاغ المنظمين بين الجانب الروحي والعقائدي والعادات والتقاليد والتطور، وتقدم صورة حقيقية ورائعة لمدينة ارتبط إسمها بالسمك، والمهرجان في دورته الرابعة يتطلع لتقديم أطباق لكل هذه الجوانب في حلة رائعة، عنوانها آسفي حاضرة المحيط، مدينة البحر والتاريخ
الكاتب/ محمد عكوري