اسفي: ذكرى المولد النبوي الشريف احتفالات اجتماعية واقتصادية وثقافية بالإقليم

اسفي: عبد الرحيم النبوي
يشكل الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بإقليم اسفي، مناسبة دينية غالية دأبت على تخليدها ساكنة المدينة من خلال تقاليد أصيلة ترسخت في تراثها الحضاري الذي تعتز به، والذي يعتبر مظهرا من مظاهر حب الرسول وإجلال شخصيته في نفوس المسلمين، يكتسي في المقام الأول بالنسبة للأسفيين طابعا دينيا واجتماعيا وثقافيا، حيث تلتقي الاسر فيما بينها لما لذلك من دور في ترسيخ الروابط والأواصر والتمسك بالتقاليد المغربية الأصيلة والتشبث بالقيم ومنح القدوة للأجيال الناشئة، كما ان تنوع مظاهر الاحتفال بهذه الذكرى اضحى ظاهرة بين المواكب الدينية ومجالس العلم، وتلاوة القرآن الكريم، وقراءة الامداح النبوية، والأذكار، وسرد السيرة النبوية الشريفة، وإقامة المواسم الدينية في الزوايا تخليدا لهذه الذكرى العطرة.
وترتبط هذه المناسبة الدينية الجليلة عند أهل اسفي بعدد من الطقوس التي دأبوا على ممارستها والتي تؤكد مدى تمسكهم بالدين الإسلامي الحنيف وتشبثهم بقيمه السمحة، حيث تشهد العديد من مناطق عبدة إقليم اسفي، القيام بعدة أنشطة ثقافية واجتماعية واقتصادية تتمثل في تنظيم مجموعة من المواسم مرتبة بمختلف زوايا المتواجدة بالإقليم ، ذات تعدد الإرث الثقافي الذي يمزج مجموعة من الثقافات بشكل يضفى على الوعاء الثقافي العبدي نوعا من التميز.
وتشهد الأضرحة والزوايا نشاطا متميزا ومكثفا حيث يتم تنظيم أمسيات للسماع والمديح وترتيل القرآن الكريم ترتيلا جماعيا، كما يرتبط إحياء هذه الذكرى لدى ساكنة إقليم اسفي بعدد من الطقوس الاجتماعية، تؤكد مدى تشبثهم بقيم التضامن والتآزر التي يدعو اليها الدين الإسلامي، فضلا عن تبادل الزيارات، ترتبط هذه المناسبة الذي تعد له الأسر العدة اللازمة، ولعل أبرز مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة بمنطقة عبدة، هو تواجد مواسم عدة يؤثث فضائها الطريقة العيساوية من خلال طقوس وعادات تستأثر باهتمام المتتبعين، ، كموسم الولي الصالح عيسى المخلوف الموجود بثمرة قرب جمعة اسحيم، والموسم الثاني يقام بزاوية الهادي بنعيسى، بدوار لبرانكة بجماعة حد احرارة، وموسم الولي الصالح عبد الرحمان مول البركي بالجماعة الترابية مول البركي و موسم الولي الصالح سيدي اعمارة بالجماعة الترابية لعمامرة إقليم اسفي.
وتشكل هذه المواسم الدينية نقطة تحول ببعض المناطق باسفي، بحيث تدخل في حركية اقتصادية من خلال نصب الخيام التجارية، يعرض فيها أصحابها مختلف السلع والمنتوجات الحرفية، ومن عادة سكان منطقة عبدة وزوارها في هذه المناسبة التسوق وشراء ما يلزم من السلع المعروضة بأسعار في متناول الجميع، كما يتم تخصيص خيام أخرى كمطاعم شعبية، وينال الأطفال حظهم من الموسم من خلال الاستفادة من معدات للعب تنصب بالقرب من الزاوية.
ويطبع ظاهرة المواسم في عمومها، حسب العارفين بفن التصوف، جو احتفالي مرتبط بالطقوس والشعائر الدينية، والتي صارت راسخة في ذاكرة المقيمين على مكان الزوايا وزوارها منذ قرون خلت إلى اليوم، توارثتها أجيال وإن كانت قد شابها العديد من الشوائب التي أساءت إلى جوهر هذه الظاهرة، التي عرفت حسب العديد من الباحثين في الثرات، تحولا عميقا في فهمها وتأدية طقوسها.