غليان عندفلاحي عبدة جراء الاستفادة من “برنامج المثمر” المثيرة للجدل

 غليان عندفلاحي عبدة جراء الاستفادة من “برنامج المثمر” المثيرة للجدل

أثارت الاستفادة من الدعم الذي خصصه “برنامج المثمر” للزرع المباشر، للفلاحة والزراعة بإقليم آسفي، وتحديدا بتراب جماعة لبخاتي، الخاضعة لنفوذ دائرة عبدة، جدلا واسعا لدى المتتبعين للشأن العام والرأي العام، وغضبا وغليانا في أوساط الفلاحين والمزارعين، بعد أن بدت الاستفادة “مبهمة”، من خلالالمعايير التي اعتمدها القائمون على هذا “البرنامج”، الذي كان إطلاقه سنة 2019، بمبادرة منمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP)، والذي تساهم فيه جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في بنجرير (UM6P).

 

 

 هذا، فإن “برنامج المثمر” الذي صادف انطلاقه، كعادته، هذه السنة،مطلع الموسم الفلاحي بالمغرب، بشراكة مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والمعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA)، والذي حدد له أكثر من 584 منصة توضيحية، من الحبوب والخضراوات المخصصة للزرع المباشر، يشمل، في إطار عملية الرصد، الإدارة التقنية المثلى وبروتوكولا علميا لتيسير نقل التكنولوجيا، ودعم المزارعين للممارسات الزراعية الجيدة المناسبة (تحديد احتياجات التربة، ثم تسميد على المقاس، مع المكافحة المتكاملة للطفيليات والحشرات، وصولا إلى الحصاد والتخزين). إذ يأتي لمواجهة تغير المناخ، وندرة التساقطات، وللنظر في النماذج الترابية للتحول الزراعي–الإيكولوجي للفلاحة، وللمزيد من تدابير التكيُّف المختلفة والتكميلية، وبالتالي، توسيع العرض، لدعم أكبر عدد من الفلاحين والمزارعين، في مختلف جهات وأقاليم المملكة، والمساهمة بنشاط في تنفيذ الخطة الوطنية لتعزيز الزرع المباشر، لتحقيق 1 مليون هكتار من الزرع المباشر، في أفق سنة 2030.

هذا، فقد شرع الفلاحون بتراب جماعة لبخاتي، والذين بلغ عددهم، حسب اللائحة التي حصلت عليها الجريدة، 937 مستفيدة ومستفيدا، ابتداء من الجمعة الماضي، 3 نونبر 2023، من الاستفادة من الدعم المخصص لهم من الأسمدة الفوسفاطية ذات التركيبة الكيماوية، المكونة من عناصر التسميد الأساسية: الآزوت-الفسفور-البوطاس (N-P-K-13-22-18)، بعد أن تم الاتصال بهم على هواتفهم النقالة،  وتمكينهم من “البونات” (les bons)، المحددة لحصة الاستفادة لكل واحد منهم، والذين دعوا للانتقال إلى جمعة سحيم، مقر دائرة عبدة، عند الشخص المكلف، الذي حظي بامتياز  عملية التخزين والتوزيع، وفق إجراءات تعذر على الجريدة معرفتها، وتسليط الضوء عليها، وذلك لتسلم حصصهم، التي تراوحت ما بين 5 أكياس، في حدها الأدنى، و81 كيسا،  في حدها الأقصى، بسعة 50 كيلوغرام في الكيس الواحد.

وبالمناسبة، فقد شكلت حصة 5 أكياس (250 كيلوغرام)، القاعدة العريضة لفئة المستفيدين من الدعم، الذي خصصه “برنامج المثمر”؛ هذا فيما حظي بعضهم بحصة 81 كيسا (4050 كيلوغرام)، أو 69 كيسا (3437.50)، أو 68 كيسا (3375 كيلوغرام).

وحسب ما استقته الجريدة مما يتم تداوله على نطاق واسع بتراب جماعة لبخاتي، فإن ثمة فلاحين جرى  إقصاؤهم من عملية الاستفادة، رغم أن أراضيهم الفلاحية كانت خضعت لعملية تحليل التربة، وإن ثمة، بالنسبة لمن استفادوا، تفاوتا في حجم الاستفادة من “برنامج المثمر”، وفي كمية الدعم من أكياس التسميد والأسمدة الكيماوية. كما أن ثمة دواوير بأكملها لم يستفد فيها الفلاحون من الدعم، أو استفاد فيها فلاح واحد، من قبيل “دوار أولاد بوشعيب”، و”دوار المراحات”، و”دوار أولاد تكرة”،  و”دوار عبيد بلحادكة” (..). هذا في الوقت الذي هناك ضمن “المحظوظين”، ممن شملتهم الاستفادة من الدعم، أشخاصا لا علاقة لهم بالزراعة والفلاحة، كونهم لا يملكون أرضا فلاحية، حسب تصريحات الفلاحين الغاضبين.

وحسب ما تناهى إلى علم الجريدة، فإن بعض الفلاحين ممن شملتهم الاستفادة، قد باعوا حصهم من الدعم، بثمن بخس؛ ما سيفتح على مصراعبه باب المضاربة، ودخول المضاربين (les spéculateurs) على الخط؛ إذ سيعمدون إلى تخزينها، واحتكار السوق، في انتظار إعادة بيعها بأضعاف السومة التي اقتنوها بها.

إلى ذلك، وبالرجوع إلى لائحة المستفيدين من الدعم، التي يتم تداولها على نطاق واسع بين الفلاحين، بجماعة لبخاتي، عبر تطبيق “واتساب”، والتي توصلت بها الجريدة، فإنها أولا وقبل كل شيء، قد كتبت باللغة الفرنسية، في خرق صارخ لدستور المملكة، الذي نص في فصله الخامس (5)، عما يلي: “تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها”. حيث إن هذه اللوائح التي تخص أصلا المستفيدين منها، الفلاحين والمزارعين، أغلبيتهم لا يعرفون، وهذا ليس تحقيرا لهم أو تنقيصا منهم، الكتابة والقراءة ب”اللغة الفرنسية”.

هذا، فإن هذه اللائحة المتداولة، كان من المفترض والمفروض أن تحصل عليها بشكل رسمي السلطات والجهات المعنية، وأن تنشرها وتشهرها في مقري الجماعة الترابية وقيادة لبخاتي، من جهة، كونها صاحبة الاختصاص الترابي، ومن جهة أخرى، حرصا على الإجراءات التنظيمية وعلى النظام، وحتى يطلع عليها المستفيدون من فلاحي ومزارعي المنطقة وعموم المواطنين.

وكما يبدو من نسخة اللائحة المتداولة،التي قد يكون جرى تحميلها من الناظم الإلكتروني (الأنترنيت)، أو “تسريبها عن قصد ولكل غاية مفيدة”، لم تتم الإشارة في أعلاها إلى الجهة الرسمية التي أصدرتها، ناهيك عن كونها غير مذيلة بتوقيع هذه المؤسسة وبطابعها الإداري الخاص؛ما يجعل منها مجرد ورقة، وليس وثيقة رسمية، يعتد بها.

هذا، وقد تضمنت هذه القائمة، في خاناتها العمودية، فقط الأرقام الترتيبية للمستفيدين، والتي كان آخرها الرقم 937، وهوياتهم (أسماؤهم الشخصية والعائلية)، وأرقام بطاقات تعريفهم الوطنية، وأرقام هواتفهم النقالة، والإقليم (آسفي)، والجماعة الترابية (لبخاتي)، والتركيبة الكيماوية المحتفظ بها (N-P-K-13-22-18)، والحجم بالكيلوغرام، وعدد الأكياس، ونقطة التخزين (جمعة سحيم)؛ فيما بدت الخانة الأخيرة، الخاصة بورقة الحضور (Emargement)، فارغة. كما أشير فيها في الأعلى، إلى اسم سيدة (H. C.)،  وفي الأسفل،إلى تاريخ التحميل، الخميس 02 نونبر 2023، على الساعة الثالثة و16 دقيقة، وكذا، إلى عبارة (Copie de Classeur5 – Excel). ما يرجح فرضية كونها تم تحميلها عبر “الأنترنيت”.

والأكثر من ذلك أنه لم يتم تضمين أو  الإشارة في اللائحة المرجعية، إلى المعايير المعتمدة، من قبيل “نوعية التربة”، و”نتيجة تحليلها”، في حال إذا كانت خضعت فعلا للتحليل، و”مساحة الأرض الفلاحية” المستهدفة ب”برنامج المثمر”.. وذلك حتى يتم تحديد وتبرير حصة وحجم الدعم الذي جرى رصده لكل مستفيد على حدة، والذي تم تضمينه في الخانتين الخاصتين بذلك (خانة الحجم بالكيلوغرام، وخانة عدد الأكياس). حيث إن هذهالمعايير التي كان يتعين على القائمين على  “برنامج المثمر”، إدراجها في لائحة الاستفادة، كان من شأنها أن تكرس، من أجل مصداقية عملية الدعم والاستفادة، مبدأ الشفافية، وتكافؤ الفرص، وأن تكون سدا مانعا في وجه القيل والقال، والإشاعات المسيئة.

هذا، وبالوقوف عند بدء الاتصال بالمستفيدين “المحظوظين” على هواتفهم النقالة، فقد صادف هذا الإجراء، من باب التذكير، يوم الجمعة 03 نونبر 2023، أي عشية عطلة نهاية الأسبوع، السبت – الأحد 04 – 05 من الشهر الجاري، ناهيك عن كون يوم الاثنين، قد صادف ذكرى المسيرة الخضراء (3 أيام عطلة متتالية)، كانت فيها الإدارة ومصالحها معطلة.

إلى ذلك، وبتصفح لائحة المستفيدين، فقد تبين للجريدة بالواضح والملموس أن جل من شملتهم الاستفادة، ينتسبون إلى نفس الأسرة أو الأسر، التي يحملون نفس أسمائهاالعائلية، وحتى أن من ضمن هذه الأسر “المحظوظة” من حظي شخصيا بالاستفادة من حصة الدعم، أكثر من 10 مرات، ويكفي، لمن يهمه أو يهمهم الأمر، الرجوع إلى اللائحة المرجعية، وإلى البيانات الشخصية، التي تخص “المستفيدين”، سيما أسماءهم العائلية، وأرقام بطاقات تعريفهم الوطنية.

وعليه، وعلى غرار فلاحي المنطقة، والرأي العام، وحتى القائمين على الشأن العام، ممثلين في المنتخبين والمسؤولين الجماعيين بالجماعة الترابية لبخاتي، وفي السلطة الترابية المحلية، في شخص قائد قيادة لبخاتي، وأعوان السلطة من شيوخ ومقدمين، فقد تعذر على الجريدة معرفة المعايير والشروط التي تم اعتمادها في عملية الدعم المقدم، والاستفادة من  “برنامج المثمر”، المثيرة للجدل، والتي خلقت استياء وغليانا في أوساط الفلاحين والمزارعين بتراب جماعة لبخاتي؛ كما تعذر تحديدالمتدخلينالذين أشرفوا وعالجوا هذا الملف، والكيفية التي جرى الحصول بها على البيانات الشخصية والخاصة بالمستفيدين، والتي تندرج في إطاراستخدام “الحلول التكنولوجية”، التي تم تطويرها، والتي تستهدف  “رقمنة التدبير الزراعي  للمساحات والأراضي، من خلال العرض العمَلي للبذر المباشر” (..)؛ كما لا يعرف كيف ومتى وأين جرت معالجة البيانات الشخصية والخاصة.. على الناظم الإلكتروني.

وبالمناسبة، فقد تعذر أيضا على الجريدة، تكريسا لأخلاقيات مهنة الصحافة، ولمبدأ الرأي والرأي الآخر، الاتصال بالساهرين والقائمين إقليميا ومحليا على “برنامج المثمر”، بغية معرفة ما اعتمدوه في عملية الدعم والاستفادة، من مسطرة وإجراءات ومعايير وشروط، وما هي الجهات الشريكة، والسلطات التي تم التنسيق معها،  بما في ذلك على وجه الخصوص، المديرية الإقليمية للفلاحة لآسفي، و”مصلحة إنجاز مشاريع سلاسل الإنتاج الفلاحي” (SMOPFA)، التابعة لها، وكذا، “اللجنة المحلية لضم الأراضي البورية لبخاتي”، سيما أن الأراضي الفلاحية المستهدفة بالدعم من قبل  “برنامج المثمر”، قد شكلت موضوع “مشروع الضم البور”، الذي لم تتم المصادقة عليه (l’homologation)، إلافي ال17 ماي من السنة الجارية (2023)،بعد مرور 15 سنة عن انطلاقة إجراءاته وأشغاله، سنة 2008؛ هذا المشروع الذي كانت شابتهخروقات، كانت الجريدة فجرتها في تحقيق صحفي تحت عنوان: “عملية ضم البور بجماعة لبخاتي.. عبء ثقيل ومزعج ورثه عامل أسفي!”، وتحت عنوان: “عملية الضم البور بجماعة لبخاتي.. مشروع مشلول عاصر 4 عمال على إقليم آسفي”.

وقد حاولت الجريدة الاتصال بمدير المديرية الإقليمية للفلاحة لآسفي، على هاتفه النقال، وتم إطلاعه تفصيليا، من خلال رسالة نصية، على موضوع الاتصال، غير أنه لم يتفاعل إيجابا؛ إذ ظل هاتفه يرن ولا يجيب.

هذا، وفي ظل الغليان الذي يعيشه الفلاحون والمزارعون بتراب جماعة لبخاتي، إثر الاستفادة من “برنامج المثمر”، الامضة في معاييرها، والمثيرة للجدل، فقد بات لزاما أن تتدخل وتدخل بشكل استعجالي مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، كونها من أطلقت “برنامج المثمر”، هذه المبادرة الطموحة، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في بنجرير، المساهمة في هذا “البرنامج”، وكذا، عامل إقليم آسفي، بصفته ممثلا لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، على إقليم آسفي، وممثل الحكومة، يسهر على تنفيذ استراتيجياتها ومخططاتها وسياساتها العمومية، وباعتباره السلطة الترابية الإقليمية الأولى، تخضع لمراقبته العاملية المرافق والمصالح الإدارية الإقليمية والمحلية، الخاضعة لنفوذه الترابي، وكذا، الدولة المغربية، ممثلة في وزارة الفلاحة، وأجهزتها الاستخباراتية والاستعلاماتية (أن يتدخلوا ويدخلوا) على خط هذا الملف الشائك، ومن العيار الثقيل، سيما أن الأمر يتعلق بقطاع حساس، قطاع الفلاحة، الذي يحظى، على غرار الفلاحين، بعناية خاصة لدى صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

عن موقع الجديدة 24

وللجريدة عودة للموضوع على ضوء ما ستسفر عنه نتائج تدخل الجهات المعنية والوصية.

سعيد الجدياني

https://www.assif.info

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *